الميلاد المجيد
عندما اُغويت حواء من قبل الحية في الفردوس واكلت الثمرة المحظورة لأنها “رأت ان الشجرة جيدة للأكل وانها بهجة للعيون وان الشجرة شهيّة للنظر” سقطت فورا.
ويزين لي انه لما اعطت رجلها ليأكل معها وهو لم يكن ساقطا بعد (1)، بنعمة تمييزه رآها ساقطة وخارجة الفردوس ورأى نفسه وحيدا في الفردوس مع الحيوانات التي كان قد اطلق عليها اسماء ولكنه لم يجد من بينها معينا نظيره. قرر الالتصاق بحواء لأنه لم يطق فكرة البقاء في الفردوس مع تلك الحيوانات بدونها، فأكل معها لمحبته لها وطرد معها من الفردوس.
ولكن بفقدانه النعمة الإلهية، لأن محبة الله اولاً وطاعته المطلقة هي قبل محبة البشر مهما سمت (2)، وبعد اختباره السقوط بفقدانه للنعمة، تبدلت محبته لها، فوجه لها الاتهام فورا لتنال العقاب بدلا عنه….وما زال اليهود الى اليوم يلومون حواء ويحتقرون النساء.
اما الرب “المحب البشر” وهذا لقبه عن حق وجدارة ولا يليق هذا اللقب إلا به وحده، فلم يُطق لمحبته لنا البقاء بعيدا عن خليقته تلك التي كانت قد نُصبت في وجهها، شرقي جنة عدن، الكروبيم ولهيب سيف متقلب لحراسة طريق العودة الى الفردوس والى شجرة الحياة. فقفز فوق الكروبيم وتجاوز لهيب سيف الحراسة المتقلب، وبقفزته تلك لم يفقد شيئاً من نعمته ومن لاهوته ومن صفاته الإلهية فنقل كل الملكوت السماوي (وليس الفردوس فقط) معه الى حيث طرد الانسان فأصبح الملكوت في داخل الانسان إن قَبِلَ الانسانُ ادخالَ يسوعَ الى قلبه (3). ونقل شجرة الحياة وغرسها بشكل صليبٍ وجعل من جسده ومن دمه ثمرة تعطي آكليها الحياة الابدية.
هكذا فهمت كنيستنا فعل التجسد الإلهي فربطت الميلاد بالصليب ورسمت الطفل في اكفان الدفن ورسمت المذود ناووسا حجريا رابطة الميلاد بالموت والتجسد بالقيامة المحيية.
بتجسده اعاد الكرامة للمرأة التي ولد منها آخذا منها جسده الجديد واعاد الكرامة للرجل الذي اخذ طبيعتَه وصفاتَه الرجولية الانسانية.
أما الإنجيلي المتكئ على صدر الرب مستمعا ومتأملا وفاهما خلجات قلب الله، فأعلمنا أن أولى معجزات يسوع كانت بالضبط في العرس، عرس قانا الجليل، وبناء على طلب من والدته، لكي يفهمنا أن الرب أعاد البركة لمحبة آدم لحواء والتي لا تتعارض مع البتولية اطلاقا حيث أن البتول هي الشفيعة الدائمة لأولادها المتزوجين كما للعذارى.
المسيح ولد فمجدوه المسيح على الارض فارتفعوا معه من ارضكم الى سمائه. الهنا معنا جاء ليضمنا اليه، اتى الينا ليرفعنا اليه. صار انسانا لنصير به آلهة. صار ما لم يكنه قبلا ( أي صار انسانا) لنصير نحن ما لم نكنه قبلا ( أي آلهة فيه وابناء لله في المسيح يسوع).
فلتكن تحيتا لبعضنا بعضا المسيح ولد، فمجدوه…هلليويا، فارتفعوا
ميلاد مجيد اعاده الله علينا جميعا بالبركات الإلهية
+ الأب منصور عازار
(1) 1تيم 2: 14 وآدم لم يغو لكن المرأة أغويت فحصلت في التعدي.
(2) متى 10: 37 من احب ابا او اما اكثر مني فلا يستحقني.ومن احب ابنا او ابنة اكثر مني فلا يستحقني.
(3) لوقا 17: 21 لان ها ملكوت الله داخلكم.